صباح محمد الحسن
لو أنني أجد سانحة من الوقت أكتب فيها على حائطك أنني "أسيرةُ فَقد" هزمها الشوق،
الذي سيّج عليها دون رغبة.
وَدِدتُ أن أخبرك في هذه الساعة أنني ضممتُ خوفي،
رغم أنني لا أراه،
لكنني وجدته قريبًا من تفاصيلِ حرفي..
كان يحدّق بي...
وأنا أصعد على كلمة
أتسلّق ضفائرَ الليلِ السوداء،
أُقلّص المسافة بيني والتردّد...
أقطفُ من أغوارِ إيماني جملةً
تحرّرني من جوفِ الآهاتِ المُبهمة.
كثيرًا ما أسألُ نفسي:
كيف ينمو نهجي ويخضرّ على أديم الوجود؟
وفجأة، أفتقدُ الجدار،
ذاك المنقورَ بطلقةِ رصاصٍ،
ولا أجده...
أكتبُ حرفي على خدِّ حائطٍ أرهقته الندوب،
حين عمّقتْ فيه عقولُ الظلام
تجاعيدَ الحزن،
تلك التي حفرتْ للدموعِ مجرى مختلفًا...
وحرفٌ آخرُ، ابتلعته هُوّةُ السّكوت بداخلي،
عندما ابتلعتُ الوجع...
وأنا أجولُ بعيني في الحيّ
الذي لبسَ ثوبب الحداد،
ولم يجد أحدًا يواسيه فَقْدَه.
قسمةٌ ظالمة،
عندما يُشاطركَ مسكنُك،
الذي يسكنك،
كلَّ آلامك،
أسرارك،
وضعفك،
وهزيمتك،
وانتصاراتك...
ولا يجدك عندما يعاني من غدرٍ مُباغت.
فالجُدر أيضًا تحتاجُ إلى من يُعزّيها،
لا مَن يتكئ عليها ويبكي...
وأكتبُ: أيها المفرد الأنداد،
لا يليقُ بك أن تصبحَ حزينًا،
كنْ كإيقاعِ الشوق،
الذي يُرتّبُ كل لهفة،
كنْ مستترًا كما ينبغي،
ودعني أُسمعك قصائدَ الوعدِ الملهمة.
أننا عائدون لنشارككَ الفرح،
لطالما أننا حملنا الألمَ عنك في البُعدِ لسنوات،
السنوات التي سقطتْ بين التوجّس والسكينة.
ومن حيثُ أمضي،
تدلّني عليك النسمات...
أُغمضُ عينيّ،
وأرتمي في ظلّ أمنية،
وأرى كيف يغفو النّدَى في حروفي،
ويستريحُ كما الفراشةُ
التي تُلقي برحيقها ألحان عطرٍ
في مَعِيّةِ زهرة،
لتُسجّل بهذه الطقوس انتصارها،
كلّما شعّتْ من بسمةِ وجنتيكِ... الحقيقة
أيها الجدار هاك كتفي.